نسلّط الضوء على حزمة شاملة من حقوق الإنسان تستند إلى معاهدات واتفاقيات دولية أساسية، بدءاً من الحقوق المدنية والسياسية المستمدة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الذي دخل حيّز التنفيذ في مارس عام 1976)، وصولاً إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المستندة إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الذي دخل حيّز التنفيذ في يناير عام 1976). وفي ظلِّ التطورات المعاصرة، ظهرت حقوق جديدة تُعرف بحقوق الجيل الثالث، أو الحقوق التضامنية، التي تُعنى بمصالح المجموعات والمجتمعات، وكذلك حقوق الجيل الرابع، المعروفة بالحقوق الرقمية، التي تضمن حفظ كرامة الإنسان في العصر الرقمي. يُعد هذا التقسيم إطاراً شاملاً يعكس تطوّر مفاهيم حقوق الإنسان لتلبية احتياجات الفرد والمجتمع في مختلف العصور والتحديات.
تنطلق حزمة هذه الحقوق من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي دخل حيّز التنفيذ في الثالث والعشرين من مارس من عام 1976. ويُؤطِّر هذا العهد مجموعةً من الحقوق المدنية والسياسية، كالكرامة، والمساواة، والعدالة، والحق في التقاضي العادل القائم على قرينة البراءة، وحرية الفكر والوجدان والدين والضمير، وحرية الرأي والتعبير، والتجمع السلمي، وحق المشاركة، وغيرها الكثير من الحقوق المرتبطة بالإنسان ذاته، كالحق في الحياة، والسلامة، وعدم التعرّض للتعذيب، وحماية الحياة الخاصة، وحق تكوين الأسرة.
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
هي تلك الحقوق المتصلة بالإنسان ذاته، وتستمد أصولها من كينونته الشخصية والإنسانية، ويكون ارتباطها به وثيقاً وثابتاً وغير قابل للتنازل. ومن أهم تلك الحقوق:
وهي الحقوق التي تتأصّل للإنسان باعتباره جزءاً من جماعةٍ سياسيةٍ معيّنة، والتي تتيح للأفراد المساهمة في تكوين الإرادة الجماعية للمجتمع. وتشمل هذه الحقوق: حق الترشّح، والانتخاب، والاستفتاء، وحق تولي الوظائف العامة في الدولة، وغيرها من الحقوق التي يكتسبها الإنسان. ويمكن تصنيف هذه الحقوق على النحو الآتي:
تنطلق حزمة هذه الحقوق من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي دخل حيّز التنفيذ في الثالث من يناير من عام 1976.
ويستهدف العهد تعزيز وحماية العديد من الحقوق الأساسية الواردة في مواده، ومن أبرزها: الحق في العمل بظروف عادلة ومرضية، والحق في الحماية الاجتماعية، والعيش في مستوى معيشي لائق، والتمتع بمستوى كريم من الرفاه الجسدي والعقلي، إضافة إلى الحق في التعليم، وممارسة الحرية الثقافية التي تُعبّر عن الكيان الإنساني للأفراد والمجتمعات.
العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وهي الحقوق التي تهدف إلى إشباع حاجات الأفراد الاقتصادية، وتشمل حق العمل وحق التملّك. وقد اتّسع نطاقها ليشمل بُعداً اقتصادياً واجتماعياً يقوم على المطالبة بضمانات لحماية الفئات الضعيفة من تجاوزات الطبقات المُهيمنة على مراكز الاقتصاد. وقد استوجب ذلك توفير ضمانات للعامل، كإقرار حقّه في العمل، والنضال من أجل حقوقه المادية والمعنوية، إلى جانب تأمين الضمان الاجتماعي الكافي واللائق لتوفير أسباب الحياة الكريمة. ويمكن حصر أهم هذه الحقوق في الآتي:
وهي الحقوق التي تُلبّي الحاجات الاجتماعية للإنسان، وتقوم على توفير ما يلزم من حقوق للأفراد لتلبية احتياجاتهم الإنسانية الأساسية. وتنطوي الحقوق الاجتماعية، في بعض التشريعات، على: الحق في الرعاية الصحية، والحق في السكن، والحق في الغذاء، والحق في التعليم. وتندرج هذه الحقوق ضمن إطار يتقاطع مع الحقوق الاقتصادية، ويُفرّق بينهما من حيث المفهوم الأساسي والمنهجية المعتمدة في التعامل مع أصل الحق ومعالجته. ويمكن حصر أبرز الحقوق الاجتماعية في الآتي:
وهي الحقوق المرتبطة بالإنسان، التي تقتضي تلقّي العلم وتعليم الآخرين، وتوجيه الثقافة نحو التنمية الشاملة للشخصية الإنسانية، وممارسة الفرد لثقافته الذاتية والمجتمعية. كما تشمل الحق في المشاركة في الحياة الثقافية، والتمتّع بمنافع التقدّم العلمي والتكنولوجي، وبنتاج الأعمال العلمية أو الأدبية أو المادية أو الفنية، إضافة إلى الحق في حماية الإبداع والتراث الثقافي الإنساني، ونشره، وإبرازه، والحفاظ عليه. ويمكن حصر أبرز الحقوق الثقافية في الآتي:
حقوق الجيل الثالث (الحقوق الجماعية أو حقوق التضامن) تُعرف حقوق الجيل الثالث أيضاً بالحقوق الجماعية أو حقوق التضامن، وتركّز على حماية مصالح المجموعات والمجتمعات بأسرها، وليس فقط الأفراد. وتشمل هذه الحقوق، على سبيل المثال: الحق في التنمية، والحق في السلام، والحق في بيئة صحية، والحق في تقرير المصير. وتهدف هذه الحقوق إلى خلق توازن عادل بين الحقوق الفردية والجماعية، بما يُعزّز مفهوم التضامن الدولي والتعاون بين الشعوب لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة. ويمكن حصر أهم هذه الحقوق في الآتي:
تُعرف حقوق الجيل الرابع غالباً بالحقوق الرقمية أو الإلكترونية، وهي مجموعة من الحقوق الناشئة نتيجة للتطوّر التكنولوجي السريع والعصر الرقمي. وتشمل هذه الحقوق: حماية الخصوصية الرقمية، وضمان حرية الوصول إلى الإنترنت، وتنظيم استخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، بما يضمن احترام كرامة الإنسان وحرياته الأساسية في الفضاء الإلكتروني.
وتُعد هذه الحقوق أساسية لمواجهة تحديات العصر الرقمي، وبناء بيئة رقمية آمنة ومتطوّرة تحمي حقوق المستخدمين وتدعم الابتكار في آنٍ واحد. ويمكن حصر أهم هذه الحقوق في الآتي: